الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
.تفسير الآيات (4- 5): {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (4) الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (5)}.شرح الكلمات: {الطيبات}: ما أذن الله تعالى في أكله وأباحه لعباده المؤمنين.{الجوارح}: جمع جارحة بمعنى كاسبة تجرح بمعنى تكسب.{مكلبين}: أي مرسلين الجارحة على الصيد السواء كانت الجارجة كلباً أو طيراً.{طعام الذن أوتوا الكتاب}: ذبائح اليهود والنصارى.{المحصنات}: جمع محصنة وهي العفيفة الحرة من النساء.{أجورهن}: مهورهن وصدقاتهن.{غير مسافحين}: غير مجاهرين بالزنى.{أخدان}: جمع خدن وهو الخليل والصاحب السريّ.{ومن يكفر بالايمان}: أي يرتد عن الإِيمان فالباء بمعنى عن إذ يقال ارتد عن كذا...{حبط عمله}: بطل كل ما قدمه من الصالحات فلا يثاب عليه..معنى الآيتين: ورد أن جبريل عليه السلام أتى النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذن فأذن له النبي صلى الله عليه وسلم فأبى أن يدخل لوجود كلب صغير في البيت فقال: «إنا لا ندخل بيتاً فيه كلب» فأمر النبي بعدها بقتل الكلاب فقتلت ثم جاء بعضهم يسأل عما يحل لهم من أمة الكلاب فأنزل الله تعالى هذه الآية: {يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات} وهي كل ما لذ وطاب مما أباحه الله تعالى ولم ينه عنه، وأحل لكم كذلك صيد ما علمتم من الجوارح وهي الكلاب الخاصة بالاصطياد والفهود والنمور والطيور كالصقور ونحوها. مكلبين أي مرسلين لها على الصيد لتمسكه لكم، {تعلمونهن مما علمكم الله}. أي تؤدبون تلك الجوارح بالأدب الذي أدبكم الله تعالى به، وحد الجارحة المؤدبة أنها إذا اشليت أي أرسلت على الصيد ذهبت إليه وإذا زُجرت انزجرت وإذا دعيت أجابت. وقوله تعالى: {فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه} يفيد شرطين لحلية الصيد زيادة على كون الجارحة معلمة وهما أولاً أن يذكر اسم الله عند إرساله الجارحة بأن يقول: بسم الله هاته مثلا، والثاني أن لا تأكل الجارحة منه فإن أكلت منه فقد أمسكت لنفسها ولم تمسك لمن أرسلها، اللهم إلا إذا أدركت حية لم تمت ثم ذكيت فعند ذلك تحل بالتذكية لا بالصطياد، وقوله تعالى: {واتقوا الله ان الله سريع الحساب} وعيد لمن لم يتق الله في أكل ما حرم أكله من الميتة وأنواعها، ومن صيد صاده غير معلّم من الجوارح، أو صاده معلم ولكنه أكل منه فمات قبل التذكية. فلتتق عقوبة الله في ذلك فإن الله سريع الحساب.هذا ما دلت عليه الآية الأولى (4) أما الآية الثانية (5) وهي قوله تعالى: {اليوم أحل لكم الطيبات} أي في هذا اليوم الذي أكمل الله تعالى لكم فيه الدين أحل لكم ما سألتم عنه وهو سائر الطيبات وكذا طعام الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وهم اليهود والنصارى خاصة فطعامهم أي ذبائحهم حل لكم، وطعامكم حل لهم أي لا بأس أن تطعموهم من طعامكم فإن ذلك جائز لكم ولهم.وأحل لكم أيضاً نكاح المحصنات أي العفائف من المؤمنات، والمحصنات من نساء الذين أتوا الكتاب من قبلكم وهن العفائف من اليهوديات والنصرانيات، على شرط إتيانهن أجورهن أي مهورهن حال كونكم محصنين أي عاقدين عليهم عقدة النكاح المتوقفة على المهر والولي والشهود وصيغة الإِيجاب والقبول، لا مسافحين بإعطاء المرأة أجرة وطئها فقط بدون عقد مستوف لشروطه، ولا متخذي أخذان أيضاً بأن تنكحوهن سراً بحكم الصحبة والصداقة والمحبة إذ ذاك هو الزنى فلا يحل بأجرةٍ ولا بغير بأجرةٍ وقوله تعالى: {ومن يكفر بالإِيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين} فيه إشارة إلى أن استباحة المحرمات والجرأة على ذلك قد تؤدي إلى الكفر، ومن يكفر بعد إيمانه فقد حبط عمله أي بطل ثواب ما عمله في إسلامه، حتى ولو راجع الإِسلام فليس له إلا ما عمله بعد رجوعه إلى الإسلام، وإن مات قبل العودة إلى الإِسلام فهو قطعاً في الآخرة من الخاسرين بإلقائهم في نار جهنم خالدين في أبداً..من هداية الآيتين: 1- مشروعية سؤال من لا يعلم عما ينبغي له أن يعلمه.2- حلية الصيد إن توفرت شروطه وهي أن يكون الجارح معلماً وأن يذكر اسم الله تعالى عند إرساله وأن لا يأكل منه الجارح، ويجوز أكل ما صيد برصاص أو بآلة حادة بشرط ذكر اسم الله عند رميه ولو وجد ميتاً فلم يذك.3- إباحة طعام وذبائح أهل الكتاب.4- إباحة نكاح الكتابيات بشرط أن تكون حرة عفيفة وأن يعقد عليها العقد الشرعي وهو القائم على الولي والشهود والمهر والصيغة بأن يقول الخاطب لمن يخطبه من ولي ووكيل زوجني فلانه فيقول له قد زوجتكها.5- حرمة نكاح المتعة ونكاح الخلة والصحبة الخاصة.6- المعاصي قد تقود إلى الكفر.7- المرتد عن الإِسلام يحبط عمله فلو راجع الإِسلام لا يثاب على ما فعله قبل الردة وإن مات قبل العودة إلى الإِسلام خسر نفسه وأهله يوم القيامة وذلك هو الخسران المبين.
|